في السفر ... تطوى الحكايا فيختال الزمن، ويظهر المكان أخُ المكان ، وكأن الوجوه أقسمت إلا أن تزور ثانية أرض خيالاتك يا صديقي، وجوه تقتسم الهم، والنظرة الحزينة، وعبء الحقيقة، ووجوه تمضي بالسؤال أبعد
. ها أنت يا صديقي تمضي بين الأبواب والأكفِّ المحنية على ما تيسر، تقلّب ما خفيَ عن الأعين، وأزهر في القلب.
تأخذك إليك فلا تدري من أين البداية و لا إلى أين المنتهى
. ها هو صباحك يا صديقي في تونس يغازل ندى البدايات في مدينة الرباط، صحوٌ على مهل، لا معنى للوقت. الشوق يحضن ما سيأتي ، تنظر إلى الخارج فتراه غارقاً في ذاته، تحاول أن تدركه، لكنه اليوم لا يبالي إن أعجبك أما لا، فالطقس اليوم، أعلن ما يريده، لحظة صمتٍ مع ذاته، ضبابيةٌ أفكاره، لا تدري ماذا فيها من حكايا، تمعن النظر أكثر، ترى صوراً تتداخل، ها هي الشمس تدرك أن السماء لم تعد لها، تنحني قليلاً لغيمٍ قد تلونت، تأخذك الغيوم ليومين، يوم عندما اختلط عليك وعليها، وأدركت عندها فضيلة أن تترك لها
- راضياً مرضيا
- أن تقرر أحوال الطقس منذ ذلك اليوم في مدينة طنجة
. تسير محاولاً قراءة المدينة في وجوه ساكنيها، تمعن النظر أكثر، تدهشك الجباه العريضة، وكأن الناس قد ولدوا من أم واحدة. مومباي، سيدني، وسط القاهرة، تدرك حينها أن الاستعمار آثر إلا أن يترك للمكان رائحةً من زمنه، يعلقها على أبوابه، معنى وعبرة
. تسير في أسواق الباله والخضار، فهنا المكان يشبه ساكنيه، ألوان البشر واحدة ، الوجوه نفس الوجوه، والأيدي تقلّب ما خفً سعره وما تآخى مع ما مضى
. يخطفك صوتٌ آتٍ من بعيد
" كل شيء بدينار
" تتعالى الأصوات أكثر، تبتسم، تتذكر غوار الطوشه و
"إلي ما لو باله ما لو عيد
" .الصوت مرآة الصوت. تحزن على زمن ما عاد يشبه ساكينه. الأسواق المسقوفة، كما إسطنبول ولا تدري لماذا تتذكر سوق الوحدات بصحبة الوفد الصومالي ذات يوم. تسمع مارسيل " يا سعده خيرا بغيره" .تشتري " الكاكاوي" حلو يشبه القضامة الحلوة . تصل سوق خضار قديم اسمه " سوق سيدي سر يدك"
تشتري بعض الكتب القديمة من متجر قديم، تسأل عن أعداد قديمة لعالم المعرفة، تأسرك فتاة كانت قد طافت المكان وأضافت ، تتحجج بالنظر إلى الكتب، وتراقب هذه العذوبة المنسابة من عينيها، تعزمك على شرب الشاي من كأسها، ترفض بأدب، تكتشف أن عمرها 16 عاما..
تقرأ أسماء النهج
" الشوارع الداخلية
" يلفت نظرك كثرة
" ال
" في بداية الأسماء الأولى
: الحبيب، العربي
..“كان المخيم جسم أحمد" " ويا وطن الغائبين تكامل" مارسيل مرة أخرى. تكتشف أنك لا تستهويك الأمكنة الأثرية،
كما يستهويك النظر في أوجه الناس وعلاقتها بالمكان، تتذكر عادتك القديمة مُذ كنتَ صغيراً، وتتذكر من تشاركها هذه العادة بابتسامة المشتاق
. يلفت نظرك نسبة المحجبات القليل
.... تفكر بعمرو خالد، ربما لم يلتفت لهذه المدينة بما يكفي
للبرتقال طعم مختلف عند العطش
. ترى قط
" قطوز
" أعرج تحزن، تتذكر أنك رأيت شاب أعرج قبل قليل فلم تحزن، فتحزن عليك
. الكسكسي
.... تتذكر الكسكسي بفاس ، كان له طعم مختلف، كان بطعم
" كيف رأيتني وأنا لم أرني
". !
تقرأ
" أن الحرية في أوروبا ركزت على جانب
" التحرر من
" الضغوطات الخارجية والمجتمع، ولكن لم تركز على حرية الفرد بمعنى تحقيقه لذاته، إمكاناته الفكرية، والانفعالية، والحسية، وصل النفس بالآخرين، وبالطبيعة من دون أن يفقد استقلاله وسلامته
". سارحٌ في فراغ، وحيد، لا تدري أين أنت أو إلى أين تمضي ، تفرح بإحساس الضياع، كم تحب المشي في السفر على غير هدى
. نهج "شارع " الحبيب جاء وحدو
في مدينة تونس ميزة لطيفة في أنها لا تكتفي بالمقاهي بل ما يعرف بــ "صالون الشاي" ، وتنتشر المقاهي "اللي على الماشي قهوة وأنت واقف"
. الغداء يسمى هنا
" الفطور
" الأصوات
..... تصغي لكل شيء
....يختلط كل شيء
: طرقة باب الكرهبا "السيارة " ، ضحكة من تمر بجانبك كما النسمة، حديث صديق ما على الموبايل، كعب الحذاء يعلن حضوره، وصوت عبد الباسط يخترق المكان بسحر
... تقرأ
" وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين
"!! بس هيك ... وتفكر بحكوماتنا كم تاهت وتوّهت
.. ميزة مدينة عمّان أنها تحسسك أن المدن الأخرى أرخص سعراً منها، ليس كمثل عمان شيء في ارتفاع الأسعار
.