|
|
الثقافة إبداع, وعبقرية إنسان
|
|
مثقفون يناقشون غياب الحوار عن المجتمع الأردني في يوم التنوع الثقافي
بقلم: آية الخوالدة - جريدة العرب اليوم قالت سفيرة الاتحاد الأوروبي إن "الثقافة إبداع, وعبقرية إنسان, وأنا لا أخاف على هذه الظاهرة, لأنه من خلال التكنولوجيا والاتصالات ندخل في منافسة حول بقاء الأفضل, وفي الثقافة نحن بحاجة إلى أشياء جديدة, وبخاصة الثقافة العربية المعروفة بغناها الكبير"، وذلك في معرض حديثها خلال النقاش المفتوح الذي نظمه الاتحاد بالتعاون مع جمعية المناظرة لنشر ثقافة الحوار الأحد الفائت.
وبث راديو البلد النقاش المفتوح، أمس، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية, وقد شارك في النقاش كل من: الروائي والناشر إلياس فركوح، والتشكيلي والشاعر محمد العامري، والمخرجة سمر دودين، والناشطة في مجال الثقافة سيرين حليلة، وأداره الأخصائي النفسي باسل الحمد مدير جمعية المناظرة.
واستهل الحديث سفيرة الاتحاد يؤانا فرونيتسكا, حول تأثير التبادل الثقافي على المنتج والحفاظ على الخصوصيات والثقافات حتى لو كانت صغيرة، مستشهدة بالنموذج البولندي، إذ لم تكن بولندا موجودة على الخريطة الجغرافية, بل كانت بلدا محتلاً, لكنها ظهرت بسبب ثقافتها الغنية جدا, ورجع البولنديون إلى طريقهم من جديد, وتعد ثقافتهم اليوم في أوروبا, مميزة لما فيها من إبداع كبير.
وحول الوصول إلى مجتمع يحترم التعدد الثقافي, بين فركوح أن الموقع الثقافي في مجتمع محافظ, يتراجع كل عشر سنوات إلى الخلف مرة, ويتجلى ذلك في المناهج التربوية التأسيسية, فالذي تخرج عام 1977 يمتلك من المعارف والوعي أعلى بكثير ممن تخرج في سنوات التسعينات, أي أنه قادر على التفاعل مع الآخر على نحو ايجابي, وهذا يعد أمراً خطيراً, لذا نحن بحاجة إلى مجموعة من القوانين الناظمة والمؤسسة لمجتمع مدني, قوامه المواطنة بكل مفاهيمها العميقة.
ومن جهة أخرى، أشار فركوح إلى دور الترجمة من منتجات ثقافية إلى لغات أخرى, لأن ترجمة التراث الثقافي تجتاز الحدود الجغرافية والحدود الايدولوجية والسياسية, ورغم أن العمل في المجال الثقافي هو عمل مضنٍ, لكن يمكنك أن تجني ثمار هذا العمل بعد فترة ولو كانت طويلة".
العامري أكد أن التنوع فكرة إيجابية, وعلاقته مرتبطة بالهوية الثقافية وغناها, لكننا لا نريد الحديث عن أشياء حميمية ماضية ونسترجع الطفولة, فالحاضر أسوأ من الماضي, وبظهور المذاهب والعالم يسير باتجاه التفتيت، والجانب الإجرائي لا بد أن يذهب في مجال تفعيل التأثر والتأثير والانفتاح, والاستمرارية والتطوير والتغذية الراجعة. لا بد على المناهج أن تنتصر للإنسان وتفرده وإبداعه, بغض النظر عن مذهبه وأصوله وكل انتماءاته.
وتساءل العامري لماذا لا يصهر النموذج الأردني المتفرد بتنوعه من أجل أن يشكل نهرا إبداعيا حقيقيا، لافتاً أن في الأردن حاليا هناك لوحة فسيفسائية في التنوع الثقافي، ويجب علينا استثمارها قبل أن تستثمر بشكل خاطئ, والسبيل هو الحوار والاستماع للطرف الآخر, والتسامح.
بدورها، تحدثت حليلة حول الثقافة الأوروبية ومشاريع التبادل الثقافي العربي الأوروبي, مؤكدة أنه لا بد من التفريق بين الثقافة والمنتج الثقافي, إذ أن أغلب المشاريع الآن تتجه نحو المنتج الثقافي تعاون وإنتاج مشترك "موسيقي وفني وأدبي"، معتقدين أن هذا المنتج هو من يقوم بالتبادل, لكن ما يحدث خلاف ذلك تماما. ونصطدم بالثقافة في أوروبا, حتى لو كنا نتكلم اللغة نفسها ونحمل القيم والأهداف ذاتها التي تظهر لنا بوصفها ثقافة عدوانية.
وتابعت "مهما تعددت الخلفيات التربوية, نجد أن التجانس الموجود يعتمد على مدى انفتاحك على الثقافات الأخرى. كما أن العوامل الحديثة في العلوم والتكنولوجيا تعزز من التنوع الثقافي".
وقالت دودين "طالما سنبقى نتحدث عن دولة ريعية أو دينية وليست دولة مواطنين أحرار, من المستحيل الحديث عن دولة تنوع, الهويات المغلقة مرتبط بإشكالية إدراك المواطن بغياب العدالة حول توزيع الموارد, وهذا يخلق إشكالية سؤال الهويات المغلقة, الذي أسس لشكل التصميم الخاص بمناهجنا والتعليم. مسؤولية الحركة الفنية والثقافية في إعادة صياغة العلاقة من جديد مع الحراكات والمثقفين وتجاوز حالة السياسيات والقوانين والأنظمة إلى فعل اجتماعي يخلق ويعيد إنتاج منظومة القيم, التي كانت في يوم من الأيام تشكل صمام الأمان للمجتمع".
وأضافت دودين:" التربية الحاضنة للفرد تبلور ماهية التنوع الذي نريد فمثلا عمان القديمة بمدارسها تتسم بالتنوع الثقافي والاجتماعي, ونوعية العلاقات المنفتحة تساعد على تقبل الأخرإضافة إلى التنوع في الأفكار السياسية ووجود سقف عال من الحرية تجعل من الممكن تقبل الأخر وتساعد على تأصيل التنوع". ويذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم 21 أيار يوماً عالمياً للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية في كانون الأول 2002. وتقدّم هذه المناسبة فرصةً لتعبئة جميع الجهات الفاعلة "الحكومات وراسمو السياسات ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية والمهنيون العاملون في مجال الثقافة" من أجل تعزيز الثقافة بتنوعها وبأشكالها كافة، أي التراث الثقافي المادي وغير المادي، والصناعات الثقافية الإبداعية، والمواد والخدمات الثقافية.
|
|
|
|