عن تجربة "قلب الأمور"،
توقف عملي في إصدار مجلة "قلب الأمور" منذ حوالي السنة، بعد أن كنت قد شاركت في إصدار أربعة أعداد من المجلة ضمن مجموعة "ليش لأ" اللبنانية التي تحولت لاحقًا إلى مجموعة "فينا". وقد كان عملي مع المجموعة الصغيرة، التي أصبحت كبيرة، استمر حوالي السنتين، تخللهما لقاء عام لمجموعات "قلب الأمور" في فلسطين، الأردن، بوسطن وإيران، بنيت على أساسه صداقات بعضها مستمر حتى اليوم. وقد شاركت في لقاء ثان نظمه الملتقى التربوي العربي في الصيف حول الكتابة الشبابية، غير أنّه لا يدخل فعليًا في سياق عمل "قلب الأمور".
كان العمل في "قلب الأمور" ممتعًا، خاصة في البدء حين كان التحدي كبيرا. ونحن البنات الخمسة اللواتي كنا نجتمع في صورة متواصلة كانت تتحول اجتماعاتنا إلى أحاديث مطولة عن حياتنا ومشاغلنا، لا نخرج منها إلا حين تتدارك إحدانا وتذكّرنا بسبب الاجتماع. فكان إذا العمل مرتبطًا بصداقتنا التي تبلورت مع تبلور الشكل العملي لمشروعنا. وربما كانت محاولتنا لتوسيع مجموعتنا، رغبة منا في نشر فكرة "قلب الأمور"، سببا وراء شرذمة العمل وانصراف كل منا إلى مشاغل أخرى جعل من العمل عبئًا أكثر من أن يكون متعة. وقتها أخذت قراري بالتوقف عن المشاركة في إصدار "قلب الأمور".
شرذمة العمل هذه كان لها أسباب أخرى، سأحاول التوقف عندها، في محاولة لرصد بعض المشاكل التي واجهتنا في قلب الأمور والتي يمكّن العمل على تجاوزها تحسين المشروع – أو هكذا أعتقد.
-
أولا، غياب الفكر المؤسسي، وهو (أي غياب هذه الفكر) مدرج كفكرة من أفكار قلب الأمور، يجعل من المشروع غير محدد المعالم فيصعب إذن التنفيذ، والاستمرار في التنفيذ. ولا أقصد هنا نقض مبادئ قلب الأمور، فلا حاجة إلى أن يكون هناك محررون للمجلة أو شكل محدد لها. هناك ضرورة لأن يكون هناك متابعة متواصلة للمجموعات وعملها، ومحاولة لربط عمل المجموعات ببعضها البعض. وقد كانت هذه هي الطريقة التي تمكّنا من خلالها، نحن مجموعة الخمسة، من الاستمرار في إصدار المجلة فعليًا، حيث تكفلت إحدانا مهمة التنسيق والمتابعة، دون أن تأخذ صفة المحرر أو المنسق أو الرئيس.
-
ثانيا، صعوبة التنفيذ. فإصدار مجلة ليس بالأمر الهين. هناك ضرورة لتنسيق المجلة وطبعها، دون أن تتوفر الإمكانيات لذلك. وقد كان هذا النوع من العمل، كتنسيق المقالات والبحث عن مطبعة، يأخذ وقتا وجهدا يصرفاننا عن العمل الأكثر متعة، وهو الكتابة والقراءة.
-
ثالثا، عدم ربط التأمل بما قد يكون عملا على الأرض، أي بلورة مبدأ أن لكل حياة قيمة من خلال العمل على إعادة الاعتبار لحياة الأشخاص الذين خسروا قيمتها، بمن فيهم الأيتام واللاجئين والفقراء.
-
إن فكرة التواصل واحترام حياة الغير التي تشجعها "قلب الأمور"، كان لها التأثير الإيجابي عليّ، وعلى الآخرين الذين شاركوا في هذه التجربة. وهي فعلا قلبت نظرتي إلى الأمور، وإلى أفكار الآخرين ومشاريعهم ومواقفهم وكتاباتهم. غير أن الفكرة لا تأخذ أشكالاً جديدة مع استمرار المشاركة في المجلة.
-
إن المنظار الجميل الذي منحتني إياه تجربتي في "قلب الأمور" يفيدني في مجالات عمل مختلفة ولكنه لا يشكل وحده داع للاستمرار في إصدار المجلة.