أتحدث في هذه المقالة عن تجربة شخصية، واعتبر انها قضية من الاهمية بمكان ان تستحق الطرح والاخذ بعين الاعتبار.
بدأت هذه التجربة بالصدفة البحتة التي وضعتني امام فكرة القيام بعمل تطوعي عندما كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية، وفي الحقيقة دفعتني عدة اسباب للتفكير بهذا الاتجاه، اهمها: ملئ الفراغ الذي كنت اشعر فيه في اوقات الاجازات والعطل بالاضافة الى ان موضوع تخصصي الدراستي هو المياه والبيئة، وشعوري بأهمية التمييز عن الاخرين، واستحضار اعمال لا تقوم بها الغالبية العظمى من اقراني. فاتجهت بي الانظار الى الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وتطلبت مني هذه الخطوة التحلي بجراة عالية لاقتحام مجتمع جديد، سوق العمل، الحياة الحقيقية، وبدات بالمغامرة، وشعرت ان بداخلي طاقة ومعرفة تاهلني القيام باي عمل يطلب مني، من السهل الى الصعب.
كانت بداخلي شعلة متحركة تنتظر من يوجهها ويضعها على الطريق الصحيح، ولكن لم اع ابدا ان الطريق الذي اخترته سوف يدفعني هذه الدفعة القوية الى الامام، ويجعلني اتفرد بمعلومات واضطلاع على المشاكل المحلية والعالمية البيئية، ويعزز ثقتي بنفسي ويجعلني ارى الصورة الحقيقة لواقع العمل، واعمل بصورة تطبيقية تربط ما بين معرفتي ودراستي وما اتلقاه من العلوم في الجامعة، وبين ما اراه وافعله في العمل وبالعكس، وما اضطلع عليه من القضايا والدراسات والتجارب في العمل ونقله الى الواقع الاكاديمي في الجامعة، مما كان له عظيم الاثر في تفعيل مشاركتي في الحفاظ على البيئة وتنمية الوعي اليبيئي لدي ولمن حولي وتشجيع الاخرين على خوض نفس التجربة وفي مختلف المجالات.
وكان من اهم الافكار التي تراودني هي قيمة واهمية ان تعطي دون ان تنتظر اي مردود، وان تعمل لاجل العمل، وان تساعد الاخرين وتفيد المجتمع لا لهدف او غاية بل المساعدة. ومن الجانب الاخر فان هذه المشاركة في العمل التطوعي عادة بالفائدة على من حولي من توفير جهد ووقت العمل وزيادة كفاءة العمل ونوعيته.
وكما كان لهذا العمل فوائد عدة وتطلب مني شجاعة وثقة الا انه لابد من وجود عقبات ومشاكل واجهتني اهمها: تقبل واقتناع المجتمع والعاملين من حولي بما اقوم به وبضرورته، اذ كان من الصعب اقناع المجتمع بان يعمل احدهم "ببلاش"، بل ومن الاصعب اقناعهم بان العمل البيئي التطوعي هو الاهم، اذ لم يصل المجتمع ولاغالبية الافراد الى واقع مشكلة البيئة التي نعيشها، واهمية الدور البسيط والممارسات اليومية التي يمكن ان يقوم بها كل واحد منا في توفير حلول عديدة لمشاكل البييئة التي نعاني منها، من هنا جاءت الاهمية المطلقه التي ادركتها لزيادة الاوعي لبيئي عند الفرد والاسرة والمجتمع، وان على الجميع ان يعمل ويساهم للعب هذا الدور.
في النهاية فان جل الاستفادة من هذه التجربة هو تعزيز الثقة وبناء القدرة، والخروج بسيرة ذاتية وخبرة افخر بها، ومعرفة واسعة واضطلاع جعلني اعرف من اين ابدا، فلم اصدم كالبقية بالحياة والواقع العملي، فقد استغرقت سنتين من التحضير لمثل هذا اليوم، واوجدت لنفسي قاعدة قوية ابدا منها ومكان واضح لي في هذه السوق الواسعة.
رند عواد
الجمعية الملكية لحماية الطبيعة – الأردن.