|
|
تجربة في الطفولة المبكرة – الخبر/ السعودية
ابتسام ياسين
أعمل في مركز الطفولة المبكرة التابع لجمعية فتاة الخليج الخيرية النسائية في الخبر وهي جمعية متميزة جداً لان فيها مشاريع غير عادية بالمقارنة مع فهمنا المسبق للجمعيات النسائية ونوع الانشطة التي تقوم بها. واعتقد أن سبب تميز جمعية فتاة الخليج هو وجود مركز الطفولة المبكرة فيها. وقبل أن أتحدث عن مركز الطفولة واقسامه واهدافه بشكل عام أود أن أعبر عن شيء شخصي. لقد دخلت مركز الطفولة المبكرة بالصدفة كما دخلت مجال التربية بالصدفة لانه لم يكن هناك مجال آخر أستطيع أن أعمل فيه سوى أن اجلس في البيت وكان المكان الوحيد الموجود هو قسم تدريب معلمات رياض الاطفال فدخلت على اساس أنها مرحلة مؤقتة وسوف أحصل على القبول في الجامعة وأن أهلي سوف يسمحون لي أن أترك السعودية وأعيش في مصر لوحدي وهو ما لم يحصل أبدا. وصلت إلى هذا المركز بهذه النفسية، ثم أحسست أنني يجب أن أبقى في هذا المكان طوال عمري، وأنا الآن في مركز الطفولة المبكرة منذ 23 سنة وعليكم أن تسامحوني حينما اتكلم عنه بحماس وبقوة لأنني أحس أن هذا المركز هو أنا. سوف أقرأ لكم نص مكتوب غير معروف كاتبه أحب أن أبدأ حديثي به ثم أتكلم عن الابداع والابتكار في المركز على صعيد كل اقسامه:
One hundred years from now it will not matter what kind of car I drove, what kind of house I lived in, how much was in my bank account, what my clothes looked like, but that the world may be a little better because I was important in the life of a child.
رأيت هذا يحدث في مركز رياض الاطفال في الخليج، وأحسست أنها تعبر عن اشياء كتيرة يؤمن بها معظم الذين عملوا مع الاطفال. مركز الطفولة المبكرة عمره 25 سنة، بدأ في منتصف السبعينات كروضة صغيرة لان أحد أهداف الجمعيات النسائية هو النهوض بالمرأة والطفل. وخلال نفس السنة أو السنة التي تلتها جاءت سالي التركي إلى المملكة وكان لديها أطفال في عمر الروضة وعرضت أن تقدم المساعدة في الروضة. لم أكن في ذلك الوقت في المركز. وفي قسم تدريب معلمات رياض الاطفال بدأنا بالشيء الجاهز في ذاك الوقت أي بالترجمة لمواد وادوات ممكن توظيفها بالروضة وكان منهاج مونتسوري وكانت مدة التدريب 6 اشهر. بعد انتهاء هذه الأشهر الستة اكتشفت سالي والمجموعة أن هذا لا يكفي وأن هناك ضرورة لوجود تدريب متخصص لرياض الاطفال فترته اطول وهناك حاجة لتطوير وبلورة البرنامج وصار البرنامج مدته ثلاث سنوات وهو حتى الان برنامج مدته 3 سنوات بعد الثانوية العامة في قسم تدريب معلمات رياض الاطفال وهو قسم متميز جداً. أهم ما في الموضوع هو أننا لدينا Free hand في العمل، مع أن إحدى مناحي القصور لدينا هو عدم وجود هيئة تربوية فنحن تحت الإشراف المباشر لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ولاتوجد جامعة أو وزارة تربية مسؤولة عن نوعية المناهج التي نعطيها. وحين تمتلكين الحرية لتنفيذ ما تحسين أنه مناسب فإنك تخرجين من المآزق الذي تحدثت عنه زهرة في جامعة الكويت على سبيل المثال.
التدريب في مركز الطفولة مدته ثلاث سنوات، والسنة الاولى معظمها مواد اساسية ومواد عامة وبعضها لها علاقة بالتربية بشكل عام لكنها تأخذ الطابع النظري اكثر من التطبيقي ومع بعض الزيارات إلى صفوف الروضة. في السنة الثانية تدخل المعلمة اكثر على الصفوف وتعمل تطبيقات كي تربط بين النظرية والتطبيق باستمرار. وفي السنة الثالثة هي مدرسة بدوام كامل داخل الصف مع معلمة اخرى تخرجت من نفس البرنامج. نحن نؤمن كثيرا بعمل الفريق داخل الصف، وأحد اسباب نجاحنا هو أن المعلمة ليست معزولة في الصف خلف باب مغلق، هي واحدة من مجموعة من معلمتين أو ثلاثة في غرفة الصف الواحدة واربعة أو ستة في الصفين المتجاورين وهم مجموعة من 12 أو 15 شخص الذين يعملون مع نفس المرحلة العمرية وهي دائما تشعر بأنها مسنودة فنحن نخطط سويا ونعمل مع بعضنا البعض وكل واحد يغذي الآخر بالمعلومات والمواد والافكار الموجودة عنده وهذا يمنع العزلة التي تشعر بها المعلمة التي تعمل لوحدها في الصف وراء الباب المغلق، كما أنه يسمح بتبادل الخبرات والفرص وهذا فيه نمو كبير. القسم الثاني في مركز الطفولة هي الروضة. الروضة بالنسبة لنا هي المختبر، هي المكان الذي نطبق فيه النظريات أو نحلل فيه النظريات التي درسناها أو النظريات التي أصبحنا نؤمن بها ومن هنا يأتي الابداع والابتكار والقدرة على التعبير على صعيد المعلمات أو المدربات أو الاطفال، هي حلقة الوصل بين النظريات والكتب وما يقوله علماء التربية في هذا المجال. الروضة فيها عشر صفوف من عمر السنتين إلى عمر الستة سنوات.
القسم الثالث في مركز الطفولة المبكرة هو قسم الخدمات التربوية. الجملة التي نستعملها هنا هي: ما استحق ان يولد من عاش لنفسه فقط! وهذه هي الضريبة التي ندفعها، اننا ننفذ هذه العبارة ونعتبر أنفسنا مسؤولين عن الطفولة المبكرة في المنطقة العربية والمملكة العربية السعودية ودول الخليج. قسم الخدمات التربوية هدفه الرئيسي أن يشكل حلقة وصل بين ما يحصل في مركز الطفولة المبكرة وبين كل المؤسسات المعنية بالطفولة المبكرة. فمثلا، نقوم باستقبال زائرات أو تدريبهن أو ارسال خريجاتنا إلى المدارس الأخرى ليقوموا بنقل للمعلومات والمعرفة والطريقة التي نؤمن بها.
القسم الرابع والجديد هو قسم نشر الوسائل التعليمية. بمرور السنين تبلور لدينا نظرياتنا الخاصة ومعتقداتنا الخاصة في مجال التربية في الطفولة المبكرة وأصبح لدينا كم هائل من الوسائل التعليمية. ولان المنطقة العربية تفتقر إلى الوسائل التعليمية الهادفة في هذه المرحلة العمرية وما هو متوفر إما نادر الحصول عليه أو تجاري وليس تربوي، فأخذنا على عاتقنا ان ننشر الوسائل الموجودة لدينا ونعطي الفرصة للآخرين للاطلاع عليها واستخدامها وتوظيفها لخدمة الطفل العربي. هذا بشكل مختصر عن مركز الطفولة المبكرة.
موضوع هذا اللقاء هو التعبير، وفي مجال عملنا سوف أركز على أهم قسمين وهما تدريب معلمات رياض الأطفال والروضة وكيف نشجع من خلال هؤلاء القسمين على التعبير لدى الطفل والمعلمة سواء كان ذلك في السنة الاولى للتدريب أو السنوات التي تليها. بداية، فإن طريقة التعليم داخل القسم مختلفة تماماً عن الطريقة التي تعودت عليها الطالبة في المدرسة، وهذا يسبب نوع من الصدمة في بداية التحاقهم بالقسم. فعندما نقول اكتبن ما تشعرون به النسبة للموضوع الفلاني أو ما هي نظريتك بالنسبة للتعامل مع الطفل في مثل هذا الموقف التربوي، تقول انا؟ في نوع من الشعور بأن مؤلفي الكتب هم الذين يجب أن يعطونا الحلول وأننا فقراء فكريا. فكان الهدف الرئيسي في سنوات التدريب قبل التخرج من البرنامج أن يتولد شعور لدى المعلمة أنها قادرة على صنع نظرية تعتقد انها مناسبة وتوظفها في خدمة الطفل وتحس انها هي مصدر قوة وطاقة وأن لديها القدرة على العمل مع الطفل بالشكل المناسب. بالتالي كانت طريقة العمل معهم والتدريب بالضرورة غير مبنية على الحفظ والتلقين وترديد المعلومات فالطرق المختلفة التي نستعملها سواء كانت بالمحاكاة أو لعب الادوار أو تأليف موضوعات معينة والعمل ضمن مجموعات عمل تعاونية، كما ذكرت نجاح، وتحويل المعرفة الموجودة في الكتب إلى خرائط أو رسومات أو اناشيد أو تمثيليات عن الموضوع الذي يدرسونه. من أهم النقاط نجد فيها تعبير قوي لدينا هي الابداع الفني في ثلاث مجالات رئيسية أهمها الفن مع الاطفال داخل الصف. سوف أعرض عليكم شريط فيديو حول هذه الوسيلة التعليمية، وأود أن أشير إلى أننا لسنا فنانات ولا توجد بيننا من لديها موهبة الرسم أو قدرة فنية، لكننا نتعلم التقنية وكيف تكون الوسائل التعليمية مع الاطفال في هذا العمر فينتج شيء فعلاً مبدع ودقيق وهادف. من الوسائل التعبيرية الأخرى الاناشيد، ونحن نؤمن بان الانشودة هي كلام ملحن وهي من اقرب الاشياء إلى نفس الطفل والابلغ أثراً في تعليمه. فتبدأ المعلمة ببحث علمي عن الموضوع الذي تريد أن تطرحه في الروضة، فمثلا إذا كان الموضوع عن السمكة تبحث عن المعلومات التي تحتاجها لكي توصلها للطفل: ما هي السمكة وأين تعيش وكل المعلومات العلمية. بعدما تنتهي من البحث العلمي تحاول ان تعبر عن المفردات العلمية بكلمات مناسبة لعمر الطفل في الروضة وتضعها في قالب لحني إما جديد تؤلفه هي أو تقترض لحن موجود ومألوف لأذن الطفل. فمثلا قامت إحدى المعلمات بتأليف الأنشودة التالية عن السمكة: سمكة صغيرة تعيش في الماء، تسبح للأعلى وتنزل للقاع، اشكالك كثيرة كبيرة وصغيرة، الوانك عديدة وبيتك عجيب، فقست وكبرت وصار شكلك جديد، تأكلين الحشائش والسمك الصغير، وتهربين دوماً من السمك الكبير، جسمك مغطى بجلد وقشور، عينك مستديرة تلف وتدور، ذيلك يتجول يميناً ويسار، فتلف لليمين ومرة لليسار، وهكذا…
الفكرة هي أن الطفل يمكن أن ينسى بعد فترة ان السمكة تعيش في البحر وتسمع… لكن لا اعتقد انه ممكن أن ينسى الانشودة التي رددها والتي تحتوي على كل المواصفات العلمية عن السمكة… الفكرة هنا ان المعلمة قادرة خصوصاً في رياض الاطفال أن تتحرر من المناهج المكتوبة والكتب الموجودة، وفي مركز التدريب نعتبر أن عليها ان تخلق هذه الاشياء وأن تصنع منها منهج. ومن الإشكالات في السعودية أن الموسيقى ممنوعة في المدرسة، لكننا بدلا من أن نقف أمام الصخرة حاولنا أن نلف من حولها فنحن نسمي ما نقوم به تنمية سمعية حركية فنتحايل على المسميات ونصل للهدف الذي نبغيه. من ضمن هذه الدورة ايضا أن تختار البنات المبادىء والقيم التي يريدون تدريسها للاطفال. وفي هذا السن لا تستطيع أن تقف وتعظ في الطلاب وتقول لازم ما تكذب ولازم تكون صادق ولازم تطيع امك لأنه ليست هذه الطريقة التي يتعلم بها الطفل في هذه المرحلة، والطريقة هي أن تأخذ القيمة أو المبدأ الذي تريد ان توصله للطفل وتحاول ان تصيغه بقالب قصصي. فيؤلفوا مسرحيات ويتدربوا على العرض ويقدموه للاطفال وخلال التدريب يحصل نوع من النقاش لكن بعدما يرجع الطفل إلى الصف مع معلمته يقوموا بأنشطة تطبيقية كثيرة تعكس مدى فهمه وتبنيه للقيمة أو المبدأ الذي نريد أن نوصله له. هذه الطريقة قد تستغرق وقتا اطول لكنها تكون أثراً اعمق وابقى عند الطفل. أيضا، ومن ضمن الاشياء التي تؤكد على التعبير، أن على كل متدربة أن تبدع وتبتكر في مشروع التخرج الخاص بها. والمعروف عادةً ان مشروعات التخرج في معظم الجامعات هي مشروعات نظرية وعبارة عن تجميع لبحوث من هنا وهناك ونضعها في كتاب. أما بالنسبة لنا فإن مشروع التخرج هو متطلب أساسي وهو مشروع عملي. من خلال خبرة المعلمة عبر سنواتها الثلاث كطالبة متدربة داخل الصف المفروض أن تكون قد بدأت ترى بعض الاشياء التي تحس انها تستطيع من خلالها أن تنفذ مشروع، ثم تختار الموضوع الذي تريده وتقرر الطريقة التي سوف تترجم فيها هذا المشروع داخل الصف المدرسي مع الاطفال سواء كان قصص للأطفال أو مواد تعليمية لتعزيز مفاهيم في الرياضيات او في العلوم. هي تترجم الخبرة النظرية إلى وسائل تعليمية وطرق لآداء وعرض وتقديم هذه الاشياء للاطفال داخل الصف. من هنا فإن مدرستنا مثل المخزن فأي غرفة تدخلها حتى غرفة الادارة تجد دائماً صناديق ودواليب مفتوحة ونتوقع أن ينوبنا مصير الجاحظ في أحد الأيام.
أحد اهم الاشياء التي أريد ان أتكلم عنها أننا متعودين في العالم العربي على المناهج التي تردنا من الخارج ونعطيها للمعلم لكي يطبقها. مانقوم به هو العكس تماما: نحن نعطي للمعلمات أوراق ونطلب منهم عمل المنهاج بعد أن نوضح لهم كيف يصمموا المناهج أو الوحدات التعليمية: كيف تبنى وما هي أساسياتها والنظريات التي تبنى عليها وكيف يمكن أن يوظفوا النظريات لأنه لا يمكن أن يتشكل لدى الشخص عمق في فهم النظرية إلا إذا طبقها. المعلمة عندنا عليها ان تختار الوحدات التعليمية التي سوف تعطيها في ذلك العام الدراسي اما مجموعة المعلمات فعليهن أن يقمن بنوع من التخطيط المبدع للوحدة التعليمية عن طريق العمل التعاوني واستدرار الآراء. ثم نتقاسم المهمات، فمثلا اذا كانت الوحدة مقسمة نتفق على خطوط عريضة للدورة ويرجع كل شخص يتخصص في أحد الموضوعات الجزئية ضمن الوحدة ويناقش ضمن المجموعة وتكتب كيف سوف تنفذ هذه الوحدة وتعد الوسائل المصاحبة لها. هذه العملية مهمة جداً في بناء شخصية المعلمة من البداية هي تحس انه لا توجد طبخة جاهزة لتأكلها، هي عليها أن تطبخ وتأكل مع الاطفال.
التقييم المستمر اليومي من المعلمات أو الاطفال لأداء الاطفال والمنهج والدروس نسميها الخبرات وتستخدم المعلمة مذكرات التعلم أو مفكرة التعلم. ولو كان لدى كل واحد فينا دفتر مذكرات يكتب فيه كل يوم بعض الاشياء المهمة التي أثرت فيه ذاك اليوم، سيكون لدينا في نهاية العام الدراسي كتب جاهزة للنشر وهذه إحدى الأمور الهامة في مدرستنا لكي تقوم المعلمات بالتعبير عن نظرتهم للتربية في مجال الطفولة المبكرة.
هذا بالنسبة للتدريب. أما في الروضة مع الاطفال فهناك طرق مختلفة لتعزيز التعبير عند الاطفال. اطفالنا لا يخافون من التعبير في هذا العمر الصغير، نحن لدينا خوف من أن يعطينا أحدهم قلما ويطلب منا أن نكتب أو نؤلف، نتردد. حاولنا في هذا العمر الصغير من ثلاث سنوات تشجيعهم على التعبير، وسوف نرى الآن في الفيديو كيف ألفوا القصص التي يريدون وبالشخصيات التي يريدونها وبالشكل الذي يريدونه، ثم نمر من عملية رسم وكتابة الحوار الذي يقولونه وتكتبه المعلمة اذا رغب الطفل أو يكتبه هو حتى لو كان "خرابيش" وهذا يكون متوفر في ركن المكتبة. فهو من البداية إذا يحس انه قادر على التعبير، وأنه مؤلف ورسام للقصص: "انا اللي عملت هالقصة"، ويقرأها للآخرين بكل فخر. هو إذا من عمر صغير جداً يحس ان ادوات التعبير موجودة بين يديه. "يومياتي" دفتر مذكرات خاص بكل طفل يكتب ويرسم فيه لانهم يعبرون عن انفسهم بالرسم اكثر من أي وسيلة أخرى وتتجمع الرسومات والكتابات في آخر السنة وتكون ذكرى حلوة توضح أيضا تطور الطفل عبر العام الدراسي. هذا السجل اعتبره سجل تقييمي يبين لنا كيف كان وكيف استمر وكيف وصل وهو اسلوب من اساليب التقييم البعيد عن العلامات. البيئة الصفية مهمة جداً لتشجع على التعبير، وسوف نرى الآن كيف شكل البيئة الصفية التي تهيج المشاعر وتوفر للطفل جوا يطلق الطاقة الموجودة داخله. كافة الأركان الموجودة في الصف سواء كانت ركن التمثيل أو ركن الكتابة وتأليف القصص أو ركن البناء بالمكعبات أو ركن الحاسب الآلي أو ركن المشاعر الذي يحتوي على كثير من الادوات لكي يعبر الطفل عن مشاعره المختلفة وركن الفن حيث يقوم اطفالنا بصنع الوسائل التعليمية فبعد أن يأخذوا المعلومات يقوموا بصنع الوسيلة التعليمية ونضع هذه الوسيلة التي صنعوها هم من ضمن الوسائل التعليمية الاخرى المعروضة في الصف والتي صنعتها المعلمات وهذا يعطي نوع من الشعور بالقوة والسيطرة على العملية التعليمية: "انا اعلم نفسي بنفسي"، وهذا مهم جداً للتعبير عند الطفل.
تصادمنا كثيرا مع المسؤولات في الرئاسة العامة أو مع بعض الطالبات اللواتي التحقن بالقسم ولديهن مبادىء دينية معينة التي تقول ان أي شيء فيه روح يجب ألا يرسم أو يعلق على الحائط وضغطوا علينا كثيرا في هذا المجال وكنا لا نستطيع ان نرسم عيون أوأنف أو فم فتخيلوا كيف يمكن أن نعلم الطفل عن الفيل دون أن نضع ملامح الفيل أو ملامح الارنب. وناقشنا الموضوع معهن، واستشهدوا ببعض الآيات القرآنية ونحن بحثنا الموضوع واستشهدنا أيضا ببعض الأدلة والبراهين ووصلنا إلى قناعة أننا لن نزيل هذه التفاصيل لكننا لن نمتهن هذه الاشياء، الفكرة ان هذه الاشياء لا تقدس فأصبحت كافة الرسومات هي جزء من الخلفية التعليمية سواء أكان إنسان أو حيوان أو أي شيء له روح موجود في الجداريات والوحدات التعليمية هو ملصق مع الخلفية وبالتالي تستطيع أن تنزله عن الحائط وبالتالي أصبح وسيلة تعلم متحركة تستطيع أن تضعه في الارض ومثلا تستطيع أن تصيد الاسد وتتكلم عنه وتعيده إلى مكانه وبالتالي استطعنا أن نخرق أو نكسر فكرة أنه لن يقدس وهو ممتهن فالولد يستطيع أن يضعه في الارض ويعمل به اشياء كثيرة، فإذاً نحن لم نقدسه. والآن نجد أن عدد الذين يؤمنون بفكرتنا يزداد تدريجياً. بالنسبة للخارج فقد اقنعناهم بطريقة دينية وغيرنا في الاشياء حتى الحيوانات عملنا لها عيون وأنوف قابلة للتحريك فأصبحت مثل قطعة تركيبية فتخلصنا من المأزق هذا. أما من الداخل فأخذنا المواضيع الدينية وبنينا حولها وحدات تعليمية علمية فربطنا الدين مع العلم يعني كان في مناهج اساسها ديني بحت فمثلا سيره البني محمد (صلعم) كانت القصة الاساسية على مدى سنة التي أستنبطنا منها الوحدات التعليمية المختلفة، فهذه كانت طريقة لدمج الدين مع البرنامج وهذا ولد إحساسا لدى البنات المتدينات بأن الدين ليس منفصلا عن التربية أو عن العلوم بل هم شيء واحد فبهذه الطريقة استطعنا أن نساعدهم على أن يروا الربط الموجود لانه كان في نوع من التجزئة: هذه مدرسة دينية وتلك غير دينية. وحظينا باحترام الكل لانه حين تصمم مناهج دينية اساسها علمي هذه كانت إحدى الطرق التي استطعنا من خلالها أن نقنعهم بطريقة ملموسة ان العلم والدين لا ينفصلان.
|
|
|
|