من نحن

الرؤيا/المنطلقات

لقاءات و مجاورات

إصدارات

ملتقى فلسطين

 
 
   
     
يعقوب يوسف الحجي
وسيم الكردي
سمر دودين
عبد الرزاق نصار
ابتسام ياسين
يعقوب يوسف الحجي
جليلة شجاع الدين
أحلام محمد عبد الملك
زهرة أحمد حسين
سعدي الحديثي
د. هالة حماد
نجاح السلطي
ديمتري خضر
سيرين حليلة
أنس العيلة
منير فاشه
 

يعقوب يوسف الحجي

البحث في تراث مهمل



د. يعقوب يوسف الحجي
الكويت /ستبمر 2000



في عام 1946 قام حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح بادارة القرص الذي يسمح للبترول المكتشف حديثا في هذا البلد بالتدفق الى البواخر الواقفة قبالة الساحل لكي تنقله الى الدول الصناعية, و قد روي عنه أنه قال وهو يفتح هذا الصمام : "هذا خير عسى الله ان يكفينا شره." و لو عاش هذا الحاكم بيننا هذه الايام لرأى المغزى العميق لكلماته القليلة واقعا محسوسا وملموسا.

و بدأت أموال البترول تسري بعد ذلك في الشرايين الاقتصادية الكويتية, وأصبح دخل البترول هو المصدر الوحيد لرأس المال, هذا الذي غير معالم تلك المدينة المتواضعة و جعلها بلدا يضج بالحياة و بالعمران. وهدمت المدينة القديمة, وانفتحت الكويت الحديثة على العالم كله وهاجر اليها من رغب في العمل والارتزاق, و قامت طرز معمارية غربية على تلك البيئة البحرية, كما وفدت اليها أنماط جديدة وغريبة من التفكير و التصرفات, و قيل للسكان يومها ان الماضي يجب التخلص منه ونسيانه, وأجبر البحار و قبطان السفن (النوخذه) على التقاعد دون معاش تقاعدي, وقيل لهم "لكل زمان دولة ورجال" و قد ولى زمانكم. فتقبلوا ذلك بهدوء وفي نفوسهم من المرارة ما فيها, و بدأوا في الرحيل عن الدنيا واحدا بعد الاخر دون كلمة طيبة تداوي كبرياءهم المجروح.

و فرح الناس بالرفاهية و بالخدمات تسديها لهم الدولة دون ثمن, و ضمنت الحكومة الوظيفة للجميع, حتى ظن الكثيرون منهم أن كل هذا نتيجة طبيعية لوجودهم على هذه الارض .

ولم يسال أحد منهم نفسه كيف استطاع أباؤه و أجداده العيش على هذه الارض الصحراوية لمدة ثلاثة قرون دون (بترول), وحتى العرب أنفسهم ظن أكثرهم أن الكويتيين لم يكونوا سوى بدو رحل, حتى ظهر عندهم البترول (في أوائل الثلاثينات) فأصبحوا مواطنين يسكنون في بلد تسمى الكويت. و لم يخبرهم أحد أن أهل الكويت كان باستطاعتهم – قبل ظهور البترول في أرضهم - الهجرة الى شط العرب و السكن في احدى الجنان على ضفتي ذلك النهر العظيم, أو السفر الى ساحل الملبار في الهند و الاستيطان فيه, و قد كان لهم من الخبرة الملاحية والمقدرة على بناء السفن الكبيرة الشيء الكثير. ولكنهم فضلوا البقاء والارتباط بتلك البلدة التي شحت فيها مقومات الحياة حتى الماء العذب!!

أما أنا فقدت ولدت في الكويت في عام 1947 أي بعد سنة من تصدير أول شحنة من البترول للعالم. وبعد سنوات بدأت رحلتي في طريق المدرسة الطويل. وفي حصص التاريخ كنا ندرس العالم والثورة الفرنسية وغيرها من الموضوعات, ولم يكن ثمة شئ عن تاريخ الكويت البحري الذي استمر ثلاثة قرون متصلة. ولما كنت أحب حصص الرياضيات أوحى الي غيري من الزملاء أن العلوم هي أشرف التخصصات، وأن الآداب هي للكسالى و المتخلفين. وبعد التخرج عملت في احدى المؤسسات العلمية حتى ذهبت في دراسة علمية عليا الى الولايات المتحدة الامريكية (عام 1973) و هناك تعلمت كيف أحترم تراثي الوطني و أحاول البحث عنه وذلك لأول مرة في حياتي.

وحين عدت الى الوطن عام (1976) ذهبت الى موقع صناع السفن الكويتين و تعرفت على الصانع المشهور في الكويت و الخليج, الاستاذ علي عبد الله عبد الرسول. ومنذ ذلك اليوم وحتى هذة اللحظات وأنا مشغول في البحث والتعلم, ومحاولة التعرف على تراث الكويت البحري الذي صنع لهذا البلد تاريخ يؤصل به وجوده, ويحقق ذاته قبل التدفق النفط ما صاحبه من متغيرات.

قررت أن أتعلم خطوات صناعة السفن الشراعية, هذه الصناعة التي برز فيها أهل الكويت وأتقونها. كما قررت أن أضع كتابا باللغتين العربية والانجليزية عن فنون صناعة السفن في الكويت قبل البترول. وتم لي ذلك بحمد الله وتوفيقه. كما تعرفت على قباطنة (نواخذه) السفن الشراعية الكويتية شاركتهم في أحاديثهم, وكتبت كتابا وثاثقيا عنهم . ولم أكتف بذلك بل سافرت على سطح سفينة شراعية من الهند الى الكويت حتى أتعرف على البحار والحياة التي خبروها ومن ثم وضعت كتابا يصف هذه الرحلة أسميتة (رحلة الغزير) و كان ذلك عام 1983.

وعندما تطورت معرفتي بهم ووثقوا مني أعطاني بعضهم سجلاتهم الملاحية اليومية، وقمت بتحقيقها ونشرها و كان عنوان هذا السجلات (الروزنامات البحرية). ولعل هذا العمل غير مسبوق على مستوى دول الخليج أو حتى الدول العربية. ولقد عرفت من خلال هذه السجلات أن رجال البحر من أهل الكويت لم يكونوا رجالا بسطاء سذج يبحرون (على البركة ) دون علم يساعدهم و دون معرفة باساليب الملاحة و طرقها . لقد عرفت مقدار العلم لديهم ومقدار التواضع عندهم وكان هذا وذاك كبيرا عظيما بكل المقايس. كل هذا جعلني أصمم على عمل شيئين لابد منها: أولهما القيام بانتاج فيلم وثائقي أقوم فيه (مع رفيق لي ) بالسفر أتتبع فيه خطى بحارة الكويت خلال رحلاتهم الموسمية من الكويت الى ساحل افريقيا الشرقي (مرورا بساحل شبه الجزيرة العربية الجنوبية) مستهدفا التعرف على الموانيء التي نزلوا فيها والعلاقات التي كانت بينهم وبين سكان هذه المواني وكان هذا العمل – بالرغم من الصعوبات و المشاق – عرفانا متواضعا مني بفضل الرجال الذين أعطوا من شبابهم وعزيمتهم الشئ الكثير في وقت كانت الحياة فيه كفاحا مستمرا و ايمانا منقطع النظير.

أما الشي الاخر فهو كتابة كفاح هذه الامة الصغيرة قبل البترول على شكل (مقدمة في تراث الكويت البحري) يصلح للقارى العام ولطلبة الجامعات في الكويت والخليج , فاذا كان في العمر متسع لذلك فاني أرجو من الله التوفيق.




 
 

من نحن | إصدارات| لقاءات و مجاورات | الرؤيا/المنطلقات | البوم الصور

 
 اتصل بنا

Copyright © 2009 Arab Education Forum , All Rights Reserved